الروائي محمد سيد شديد

                                               تعانق الراوي ..تعانق الحياة

في ندبة علي الحاجب الايسر للأديب محمد سيد شديد

                                                               بقلم / عماد عزت   

 

 

تصدير

ينطلق السرد في رواية ندبة علي الحاجب الايسر للروائي محمد سيد شديد من فعل قص متوازي بين الراوي/ الاخ , والراوية/ الاخت في تعانق مع الحياة الاسرية الجميلة ,والتي تجسد العلاقة الاخوية في اسمي صورها, مصدرا للحدث

بإهداء عميق يؤكد التعانق" الوجود /الحياة مع الموت / الحقيقة المؤكدة لنا جميعا

" الي روحي التي غابت وما غابت ..اختي الشهيدة .."3

ومن هذا المفتح يأخذنا القاص المبدع الي عالمه المتميز بالسرد الهادئ البسيط

ليحلق بنا في رحلة لاكتشاف الحياة اليومية للأسرة المصرية المتكاتفة الاصول والقيم والتي ربما قد يكون بها جوانب من حياة المؤلف نفسه ,يحكي تجربته .

فهو يحكي عن الاب المتسلط/ المحب والجدة الام صاحبة الوتد الجامع للشمل الاسري والزوجة المطيعة / المسالمة/ المحبة  من اجل اسرتها وعن الاخوين العاشقان لبعضهما مكملان / مشجعان ...متعانقان. فهو يكتب بلغة بسيطة وتراكيب جميلة تجذب القارئ المبتدئ ونجح في العودة الي زمن محمد عبد الحليم عبدالله ..لهذا جاء السرد بسيطا ومشوقا .

المكان

للمكان سطوته في فعل القص الاسواني عموما وعند محمد سيد شديد بالأخص فهو يأخذنا الي تفاصيل بسيطة بالمكان لكنها تعمل علي اثارة خيال القارئ وتحفز تطلعه للاتي من النص

"يبزغ الضوء هادئا من شباك حجرتي التي تطل علي النيل ولكني لا اري الشمس

فشقتنا لا تستقبل الشروق ولكنها تري الغروب جليا كل يوم ..."5

لهذا ارتبط الحدث بالمكان وترتب عليه تنمية فعل القص وبناء الشخصيات وتنقل السرد ما بين اسوان / ادفو / مركز الشرطة / عمارات النيل والخاصة بالفيرسليكون وما بين القاهرة / المطرية / النادي / ........... بالإضافة الي بلاد الرحلات امريكا وبريطانيا

الزمان :

تدور احداث الرواية في 2009 وما قبلها وتمر بنا علي احداث الثورة 2010وما ترتب بخصوص الثورة / الشرطة فجاء السرد في صورة معلوماتية كتغطية للحدث دون تفاعل داخلي للنص

" انفلت الامن بعدها , وسارت الامور  من سيء لاسوا "50

البناء السردي :

كما سبق القول يتكامل السرد برواية البطل /باهر السريع مع تفاصيل اكثر من الراوية البطلة / بهيرة في الفصل التالي او العكس وقد اثر هذا التكنيك علي النص بشيء من الترهل , لان القارئ الم بالحدث في الفصل السابق

حيث بدا بالفصل الحادي عشر "فرحت الاسرة فرحة غير كاملة لان اليوم الذي نجحت فيه بهيرة .........."41

واستكمل التفاصيل مع سرد بهيرة في الفصل التالي "......كان اسوا يوم ............بمجموع مخيب للآمال " فالنص يكرر الحدث الذي ادركه القارئ وتفاعل معه مسبقا .

كذلك اعتمد السرد علي الكثير من التفاصيل والحديث الذاتي للأبطال

فقد شكل الهروب من سلطة الاب في توجهيه الاسري والبحث عن الذاتية واحتياجاته كشاب

" انا اعرف ما يجهزني له ,لكن هيهات ان اكون ذلك الشخص ..."31

ويتواصل البناء السردي معتمدا علي تصعيد الاحداث حسب الطبيعة المكانية / الزمانية كما اشرنا ..طفولة – شباب – حب –سفر –زواج –عودة – هروب ...

موت – ضعف انساني

فها هو الجد بدا حياته مع الابناء بسلطته القمعية وبحكم الزمن غير تعامله مع الاحفاد .....

" غريب ابي يكون معنا في اقسي لحظات قوته ومعهما يبدو في ارق لحظات ضعفه ..."169

صوت النص :

اثر البناء السردي علي صوت النص بطريق غير مباشر واقتحم الراوي بصوته النص في كثير من الاحداث معلقا

" واخبرني بانني يوما سأسافر للخارج لأكمل تعليمي . لم اتوقع يوما ان حدسه سيصدق واسافر بالفعل "

توقف النص عند تعليمي هذا كان سيجعل القارئ مترقب البطل ونمو احداثه بالراوية ,منتظرا بشارة استاذه لكنه انهي التفاعل والاشتياق من قبل القارئ بتأكيده " لم اتوقع يوما .....سيصدق واسافر "

وفي موضع اخر " لم يمت بل سيظل حيا في قلبي ...." انتهي النص عند هذا للتعبير عن حال الحب والتي شبه فيها  الحب بانه كائن لن يموت برحيل الجسد المحبوب ولكنه سينعم بالحياة في القلب وكم هو تعبير جميل ينعش خيال القارئ لو كان الراوي ترك له فرصة ممارسة فعل القراءة بحرية

لكن يتدخل الراوي " فذكراه قابعة في سويداء القلب وحنايا الفؤاد " 45 فهو يحاول التأكيد علي ما سبق قوله دون اعطاء القارئ هدنه للتفاعل مع النص .

ويأتي بتقرير موقف في موضع اخر

" ادركت ان الانسان مهما بلغت قوته سيواجه تجربه تخبره بانه ضعيف ..."

فهنا الراوي لا يترك التفاعل مع النص يصل بالقارئ لهذه النتيجة التي قررها الكاتب

جماليات النص :

تميز نص محمد سيد شديد بتضفير بعض الجمل التي اعتمدت علي الصورة  المجازية ذات المعني العميق , وتحاول بأخذ النص الي خصوصية الصوت وعمق البنية ,حيث نجح في تصوير المشاعر الداخلية للراوي / البطل وكأنها انسان يتعافى

ويقتل او يصوره وكانه قطعة زجاج او كائن بحري يسيطر علي فريسته  .

ولكن الكاتب استخدم سطوته في كسر صوت النص بتدخله بجمل اضافية غرضه منها تعميق الصورة وتوضيح المعني ,لكنه كان سدا بين خيال القارئ

في تعدد قراءة النص وذلك  باختلاف ثقافة القارئ وتفاعله مع النص.

ومن النماذج التي وقفت عندها سريعا

= " تعافت روحه المهشمة " 25

=" لقد صار الضحوك البريء بقايا انسان ..حبيس مقعد متحرك يواجه العالم بنظرة اسي علي شبابة الذي اصبح اشلاء متناثرة كقطعة زجاج سقطت علي ارضية من رخام ..."

= يقتلني الحزن ويمزق قلبي بخناجر حادة انصالها  "38

= القيت بروحي في عالمها كي اهرب من اخطبوط الاكتئاب الذي كنت اشعر بيدية الطويلة وهي تحاول ان تجثم علي انفاسي   " 45

=" وجدتها نهر من الحب والحنان ماتت علي ضفافة كل اوجاعي  .."179

ختام :

في النهاية استطيع القول بان الكاتب محمد سيد شديد لدية مشروع سردي يعتمد في نصوصه التي تنوعت ما بين القصة القصيرة واخيرا الرواية بخطاب انساني ,يلعب علي وتر المشاعر وبناء الشخصية البسيطة التي تستخدم ظاهريا واقع الحياة التكنلوجية ولكنها تحتفظ بالبيئية الريفية والعلاقات الاسرية الدافئة ,يؤطر لرسالة الحب السامي ..ويرفض بعض صور الواقع القاسية .

 وعمل قاصدا علي انهاء الراوية بإنسانية جاكي وان هروبها ببنت البطل كان من منطلق علاجها وليس خيانة .

الكاتب حريص علي  بناء صورة جميلة ولغة سهلة وسرد متسع ,مستهدفا القارئ الشاب , صاحب التجربة الاولي في الحياة , وذلك كونه مدرسا متفاعلا مع طلابه

يدرك مشاعرهم الوليدة في بدايات الشباب ,مراقبا زفراتهم الساخنة ,وابتساماتهم الخفية, وتطلعاتهم المتقلبة ....

                                                 بقلم / عماد عزت 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة