السرد القاتل في رواية وجوه قابلة للتدوير للكاتبة سمية ماهر ال مهنا

بقلم / عماد عزت

وجوه قابلة للتدوير عنوان يأخذ القارئ الي  عالم يسيطر عليه الصراع والتحول , ولاسيما غلاف الرواية يؤطر لهذه الرؤية , ويزيد من الايحاء للقارئ بانه سيدخل عالم سردي يعتمد علي التكنولوجيا والخيال العلمي ولكن بدأت الكاتبة فعلها السردي من زمن بعيد " كانت تللك الليلة من اول شهر ايلول سنة 75 ليلة ....." ص3

لهذا ايقنت مع قراءة بعض الصفحات بان الكاتبة غاوية للسرد , فهي تلتهم الصفحات البيضاء , مسطرة اياها دون رحمة ويعتمد السرد لديها علي صوت الراوي  المقتحم للنص فلا يترك الحدث لتفاعلاته الداخلية ,لتنمو وتكتمل صورته الجمالية , وانما يلجا الراوي الي التصدير الداخلي بمقدمات صغيرة تحرص فيها الكاتبة علي بناء صورة جميلة وعذبة الصوت لكنها بعيدة عن صوت النص الخاص "والذي يعتمد علي تفاعلات الحدث الداخلية" والتي سبق وان تفاعل معها القارئ ويلهث خلفها عبر صفحات النص .

حيث تقول ص167

" ثمة اشياء لا يقضي عليها الزمن بل وكلما مرت بها زادها اصالة وعمق , انها ضاربة في القدم لكنها لازالت كماهي تشعرك انك بخير وان العالم من حولك مازال كما عهدته ..........."

واثر استخدام الكاتبة لصوتها علي تفاعل الاحداث الداخلية للنص والتي تولد لدي القارئ الخيال ومشاركة النص ابداعيا فاستخدمت تقنية التقرير الصوتي للكاتبة " فالفتاة ذات خلق وجمال " وهذا يؤثر بصورة مباشرة في فعل التلقي حول شخصية البطلة فهي/ الكاتبة لا تترك النص يعبر عن جمالها من خلال التفاعل الداخلي بين الشخصيات

وتؤكد صوتها /الكاتبة

" وجعلتها هذه الظروف تعاني بعض الاضطرابات او ما يسمي اضطراب ما بعد الصدمة ......"ص5

وفي ص6

" كنت لا قول لك تعالي .......لا نني قررت الانتحار "

جاء قرار الانتحار مباشرا وقتل الفعل السردي المترتب عليه وهو الحادثة التي تصيب البطلة وتدخلها في الغيبوبة .

 

وتستخدم سلطة الراوي علي النص بمقدمة " اجمل شيء في الصباح انه منحه جديدة من الاله ................"ص104 ولا تتركه يعبر عن حدثه بذاتية " هذا ما انتهت اليه فريدة في الصباح مع انها قضت بضع ليالي حزينة متألمة .............."ص104

 

وتقرر الكاتبة ما يتم فهمه من خلال النص :

" يالها من امرأة حمقاء ......لا عناق بعده فهو الاول والاخير " ص7

وتلغي الحدث الداخلي الذي يبرهن علي فعل القول/ قول الكاتبة/ رسالتها  

" الزوجة التي لاتقف الي جوار زوجها لا تستحق ان تحمل اسمه ..."ص135

وفي تقرير صوتي اخر لكي تفصل قيما بين الازمنة تعمل علي اضافة للمعلومات الظاهرية والتي لا تضيف لعمق الحدث الروائي

" نعم فقد قضيت ايام كثيرة ..... الشوارع الان مختلفة تمام الاختلاف عن شوارع السبعينيات البدائية والباهتة ....."ص108

 

وعلي ما سبق اتضح بان الكاتبة تنتقل بين الاحداث دون استكمال التفاعل الداخلي للنص / وقبل التعريف الكامل بالشخصيات وثباتها في الفعل الروائي كما انها لا تحرص علي تفاعل الشخصيات ووصولها الي حالة من الشحن النفسي والذي يجعل القارئ يتفاعل مع الشخصية .

 

وكان اعتماد السرد علي الجمل الحوارية المطولة جانب اخر من عملية السرد القاتل للنص حيث استخدمت الكاتبة الجمل الحوارية لبعض الشخصيات والتي تؤكد من خلالها علي رؤية او تصر علي توصيل معلومة قد يعلمها القارئ ولا يحتاج توجيها بشأنها

" مفتقدها كثيرا ............." ص 120

القارئ ايقن ذلك من النص , ولكن لو عبر عن هذه الفقد بالبكاء سيكون ذلك عامل مساعد للمتلقي في تجديد مشاعرة تجاه ابطال الراوية والتفاعل معهم .

وفي ص 134

" افعل حتي لا اخيب املهم بي من قال انني كنت ......"

وبعد فاصل قصير

" لم اعلم انك تحمل كل هذا بداخلك " ص134

تستكمل الكاتبة بالجملة الحوارية الطويلة

" ما اردت ان اقوله لك ان حياتي ليست سهلة ........" ص134

ونشير الي ان البنية الحوارية في النص افقدته حرارته الداخلية وقلصت دور المتلقي في تفعيل فعل التلقي لديه وتنشيط خياله .

 

 

·       القاموس اللغوي

وفي مؤشر احصائي رصدنا دون اصرار علي استخدام المؤشر في جوانب اخري استخدام الكاتبة لكلمة جميلة اكثر من 30 مرة

1-   " تقف امرأة جميلة ممشوقة القوام " ص3

2-   " ابتسم القمر تعالي ايتها الجميلة .."ص3

3-   "فالفتاة ذات خلق وجمال "ص5

4-   "رزقت بطفلة جميلة كالبدر"ص5

5-    اود ان اري وجهك الجميل .."ص6

6-   "كامل اناقتها ووفي عنفوان جمالها "ص6

7-   "حاملا زهور جميلة جدا " ص13

8-   جميلة واجمل " ص20

9-   الحياة هنا اجمل "ص21

10-                     اختارت لنفسها فستان يظهر جمال خصرها واكتافها ..."ص6

11-                     " لا زلت جميلة ..."25

12-                     الحياة لحظات جميلة .."33

13-                     " فقد كنت امرأة جميلة .."75

14-                     " وردة حمراء جميلة "80

15-                     "جمال وشموخ المنزل .""81

16-                     " من جانب الكرسي .....جميلا "84

17-                     " يتحدث بأسلوب .....جميل الملامح"90

18-                     ".سهرة جميلة " 91

19-                     " تبدين جميلة جدا ..."106

20-                     شيء جميل ..."107

 

ويوضح هذا المؤشر الي عدم قدرة الكاتبة علي استخدام مفردات متجددة والتخلص من الزوائد التي تفرضها علي النص لمجرد التأكيد علي الجمال , والذي يحتاج المتلقي ان يحسه ويتفاعل معه ويشم رائحته

 

 

وفي النهاية نقر بان الكاتبة غاوية للسرد ,تمارس الفعل باجتهاد  ,ولكنها تقتل النص ,بسردها المعتمد علي صوتها / وصايتها ..

لذا فهي تحتاج الي تنظيم غوايتها وان تتأكد بان الفعل القرائي لدي المتلقي لا يتفاعل مع النص المترهل وانه يبحث عن نص مترابط ..وحدث يجدد شغفه بالنص ولا يفصله عنه ..ويتركه فريسة لفعل تلقي اخر مثل التواصل الاجتماعي " فيس بوك"

وايضا تحتاج الي الصبر علي نصها ومراجعته اكثر من مرة لتتخلص من المفردات المكررة بصورة قد تكون مزعجة .. وتتخلص من تأثرها الواضح ببعض النصوص القديمة او الافلام .. فقد رأيت الكاتب الكبير ثروت اباظة قد اثر في الكاتبة او بعض الافلام الروائية القديمة ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة